إبتلى الوطن العربي بزمرة حيوانية، متسماة كأسود وفهود ونمور ، حكمت فوق رءوس البشر عقوداً متعددة، وإبتنت لها من القصور والضيعات والحسابات المصرفية والصروح الفرعونية ما لم يتهيّأ لمايكل جاكسون ولا لألفيس بريسلي ، رغم ملايين المعجبين بهذين الأخيرين، ومئات مليارات الدولارات التي لا زالت تدرها تسجيلاتهم ومتاحفهم لحد اليوم.. أشباه حيوانات سادوا وتمكنوا من الحكم لعقود من الزمن وبشكل مريب لا يمكن أن يكون مجرد مصادفة ، لم تفلح كل محاولات الثورة أو الإنتفاض في إسقاطهم، لفرط معونة وإسناد أبناء حيوانات من أمثالهم، ممّن رفعوهم فوق الرءوس وجعلوهم ظلال الله ، حاشاه، على الأرض ، ولم يكتفوا بذلك بل أدمنوا رفع السيارات التي يركبها الطغاة المجرمون هؤلاء فوق رءوسهم، في إستعراضات باثيتيكية مثيرة للشفقة و للعبان النفس ، للتدليل على وضاعتهم وخستهم وإرتضائهم أن يعينوا من يغتصب أعراضهم وينشر الفساد في البلاد ... تلك كانت لقطة من ثمانينات القرن المنقرض، لحافظ أسد، ذي الجبهة الفرانكشتاينية تلك.
اليوم، تبدو الصورة قاتمة جداً، فالشعوب العربية منقسمة على أنفسها، لأن كل دكتاتور قد عمل على إجتذاب شطر من الرعية ليعملوا كقتلة مأجورين لصالحه ضد الشطر الآخر ، ضد أبناء عمومتهم وأخوتهم، والحصيلة هي كالتالي : الأوربي، عدو الأمس، يبدو اليوم هو الأقرب إلينا زكاة ورحماً، و هو بالحقيقة هوَ نفسه، مَن أعان المجرم منهم في مبتدأ مشواره، وآزره حتى استغلظ و استقوى واستوى على سوقه، فسبحان مغيّر الأحوال، وسبحان من جعل من ساركوزي زين الرجال ! ولكنه إنجاز من إنجازات القذافي المخبول و بشار الدجال، أن يُلجئ كل منهما شعبه لإستمطار النصرة ولو من أشباه الرجال ، وكذا يمهد هؤلاء الطغاة لتكوين إسرائيل الكبرى، رغماَ عن أنف الجميع .
وفي سيناريو إفتراضي ربما يفلح بعض الشيء بتفسير الظاهرة الدكتاتورية التي تأبدت برأس العرب طيلة قرن من الزمان، يهبط في وسط المنطقة المبتلاة هذه صحن طائر يحمل علامة نجمة داود وتحتها عبارة (مختبر الدكتور مورو لتخليق أشباه الحيوانات) ، وتنفتح البوابة لتخرج منها مجموعة من الزعاطيط من أبناء الزانيات، تم تجميعهم من مختلف أقطار الوطن العربي، أبناء حرام أمهاتهم مومسات عتيدات عصيّات على التوبة والإصلاح، وآباؤهم هم عبارة عن نخبة حيوانات ضبعيّة وكلبية ،أفلح علماء الصحن الطائر هذا بتمكين نطفهم من إختراق تلك البويضات الخايسة وتحقيق الإلتحام والتخصيب المستحيلين ، فكان أن تخلق القذافي ( إنتبهوا لخلقته جيداً) والأسد ذي الهيئة الفهداوية، وزين العابثين ومبارك شبيه الفيل دامبو ، وبقية الشلة مصطفة من وراء هؤلاء ، لا أستثني من الزعماء العرب أحداً مهما رفعتم له من رايات، ومهما سطرتم له من إنجازات ... تم توزيع تلك المخلوقات المهجنة على بلدان المنطقة ، وتمت تهيئة الظروف لهم على مدى عقود ، ليتمكنوا ويستمكنوا، لذا كان الوضع في تونس كما هو في عمان، وفي الأردن كما هو في المغرب ، هنا حسن وهناك حسين، وطيّح الله حظ الإثنين ، ومعها حظ من يحترم الإثنين هذين .
ما الذي أنجزه حافظ الأسد لسوريا وللسوريين على مدى كل تلك السنين وعلى ماذا حافظ حقاً ؟ وما الذي تراه يجعله يستحق لقب (أسد) وهو أثبت طيلة حكمه أنه كان أجبن من الفأر أمام إسرائيل، رغم كل ترسانات السلاح التي أزهق واردات وخيرات البلد لأجل شرائها، والتي تتباكى روسيا اليوم على مصالح النظام السوري لأن ذلك يعني تهديد فرصها بإستمرار مهزلة تسليح العرب ، بسلاح متخلف لم يثبت بوجه المجاهدين في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، فكيف له أن ينفع أبناء قحطان وعدنان ؟
كل تلك العقود الهائلة والمبالغ المخيفة التي ذهبت إلى جيوب الدب ميشا ، بدلاً من أن تتحول لآبار زراعية وسدود إروائية وأراضي مستصلحة و صناعات مَدينية نافعة وجسور وطرق وأنفاق تخترق الجبال كما هو شأن أبناء آدم وحواء،من أمريكا إلى أنتاراكتيكا، و من البنغال للسنغال ، وبدل أن تتحول إلى مدن حديثة تحوي ما يكفي من المتنزهات و وسائل اللهو التي تكبح جماح الوحشية البغيضة لغالبية بَشرنا ومواطنينا الأشاوس ، الوحشية التي تجعل الوطنية طقساً مرهقاً بالنسبة لنا ، وتدفع أصحاب العقول والرساميل للهجرة دوماً،سواءً إلى بلاد الشمس أو إلى بلاد القمر.... كان بملكنا أن نختط عبر تلك المبالغ مدناً حديثة تحيط بها غابات من الأشجار نزرعها رغماً عن الطبيعة، لتحقيق إنجاز يمكن أن تفتخر به الأجيال المقبلة للأمة الطايحة الحظ هذه ، غابات تصطف في وجه رياح السموم ورياح الخماسين، و الجفاف والتصحر والجو القاري القبيح هذا، مدن جديدة بعيداً عن المدن القديمة المتهالكة التي نخرت المجاري أرضياتها، و التي لا ينفع معها مترو أو تراموَي ،ومع هذا يتفاخر بها الحمقى كونها تراثاً وفولكلور ، غير ناظرين إلى جيفتها وتعاسة هندستها، كما لو كانت قدراً تقدّر برءوسنا إلى يوم يبعثون ...
كل تلك العقود التسليحية السوفيتية لم تفلح بتحجيم إسرائيل أو لجمها، مطلقاً ، وإنما كانت كجزء من لعبة يديرها الطرفان، الروس والأمريكان، لشفط أموالنا دوماً، ونحن كنا أولئك الأغبياء الذين تسوقهم الدعاية والتحديات إلى المزيد من الشراء والشراء ، ومن ثم الشراء ، لم تفعل تلك العقود أكثر من الاستئثار بحصة الأسد من موازنات كل تلك السنين المالية البائسة لكل بلد ، و تعليق عقود التنمية كنتيجة محتومة ، وبالتالي حرمان الناس من التقدم العلمي والحضاري والأخلاقي ، لذلك بقي الشعب العربي بمجمله يراوح (محلك سر) .. ولم يمنحنا كل ذلك السلاح الروسي فرصة مفردة للوقوف بوجه السلاح الغربي الممنوح لإسرائيل طيلة عمرها، في كل تلك المواجهات، إلا اللهم عبور قناة السويس المشرف ذلك ، وإلا، فقولوا لي ، في أيّة معركة إنفتحت بطاريات الأسد وعلى أيّة أهداف معادية أطلقت صواريخها طيلة نصف القرن الماضي كله ؟ وإن كان هذا هو حال الأسد الأكبر، فهل كان حال الأسد الأصغر ، بشار، أفضل منه ولو ببعض الشيء ؟ سأقول لكم ما هي أقوى حركات حافظ الأسد العسكرية، هو والقذافي المنحرف ، لقد كانت مساندة إيران طيلة سنوات الحرب مع العراق، وبدفع طائفي مكشوف، فأسد سوريا هو نعامة ( إمطوبزة) أمام إسرائيل، ولكنه أسد هصور على العراقيين، لقد كان هذا هو حاله دوماً، وهو نفس حال إبنه، فمن شابه أباه، ما ظلم ... لم تجرم دولة بحق العراق مثلما أجرمت سوريا، ومن ثم إيران.
طيلة ثمان سنوات مضين من عمر العراق، دأب بشار الأسد على إرسال مجرميه المتمرسين من الشبيحة كما يسمون أنفسهم، من أبناء الزانيات الذين باعوا أنفسهم للشيطان مقابل ليرات معدودة ، أرسلهم للعراق ليس دفاعاَ عن العراقيين ونصرة يعربية كما يدعي، بل ليعيقوا تقدم الأمريكان ، ويجهضوا مخططاتهم التالية لغزو العراق، لإسقاط النظامين، الإيراني المجرم، و السوري الخايس ، ولأجل عين بشار كانت تكرم كل عيون العراقيين بنظر هؤلاء المجرمين النصيريين المتطرفين ، لقد أشاعوا التفجيرات في عموم العراق وعلى حساب المدنيين من دون أيّ إكتراث بتلك الخسائر الكوارثية ، وكان المدنيون العراقيون هم أكثر الضحايا نسبة وتوجعاً ، بالقياس لجنود الإحتلال أو الشرطة والجيش من العملاء، و جيّر الأغبياء من العراقيين هذه الجرائم برقبة وبحساب العرب السنة مرةً ، وبرقبة الشيعة مرة أخرى ، فكان الضرر مضاعفاً من حيث تعميق الهوة بين السنة العراقيين والشيعة العراقيين، وهم أصلاً نفس الضحايا الأزليين للطموح التوسعي السوري منذ أيام الحجاج ومروان وعبد الملك ، يوم كان الأمويون يسوقون العراقيين سَوقاً، من أهل الكوفة والبصرة و ميسان، وكل مدن العراق ، لرفد جيوش الفتوحات بالعساكر، للمزيد من الذهب يدخل خزانات الأمويين ، والمزيد من الجواري والمحظيات يملأن حريم القصور ، فيما العراقيون ، ياكلون أزبري، وبالشوكة والسكين !! كما هو حالهم اليوم مع حكومة خايسة لم تنفع أيّ عراقي ، بل أثبتت أنها أسوأ من أسوأ صفحات النظام السابق . ولو كان المالكي وطنياً شريفاً حقاً كما يتصور مناصروه لأرسل مخابيل الصدر ومجرمي بدر وغدر، لرد الصاع صاعين لنظام بشار، على قاعدة العين بالعين، والسن بالسن، والإرهاب بالإرهاب ، لكن أنى له أن يفعل وإيران هي مرضعته، هو وبشار؟ أنى له أن يفعل وهو جزء من اللعبة التي تدور ، حيث الأيام تلك، تسعينات الغوغاء، تتكرر هذا اليوم، لكن مع تبادل الأدوار !
وربما نسي الكثير من العراقيين دور النظام السوري والبعث السوري المجرم ، في إعانة البارتيين وإرسال السيارات المفخخة عبر الحدود طيلة السبعينات والثمانينات تلك ، وربما يغفل الكثير من العراقيين اليوم عن مفارقة عجيبة، كيف أنّ النظام السوري اليوم هو راع ذهبي لعمليات المقاومة ولعمليات الإرهاب، على السواء، بينما هو نفسه كان المدافع الرئيسي عن حق شذاذ الآفاق هؤلاء، من الدعوچية وشركائهم في العملية الفرهودية ، يوم كانوا يسيحون ويديحون في السيدة زينب ، فكيف يمكن للأدوار أن تنقلب هكذا ؟ وهذا النظام يقوم اليوم بتجنيد اللاجئين العراقيين للإنخراط في تنظيم محمد يونس الأحمد للمزيد من العبث بالحياة العراقية المنكوحة أصلاً ، محمد يونس الأحمق، الذي حضر صلاة إستسقاء في الموصل إبان أيام الحصار تلك، واضعاً كفه الأيسر على كفه الأيمن، في دلالة واضحة على كونه أحد من نزلت بهم الآية الكريمة: ( فلا صام ولا صلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى) ، وهذه الجزئية، أن لا يكون من أهل الإسلام ولكنه يتظاهر بذلك نفاقاً وضحكاً على الذقون ،لم تعد تعني الكثير للكاتب ولا لبقية العراقيين كما أحسب ، فقد أقلعنا عن الحلم والإحتلام بدولة الإسلام، بعد أن رأينا جرائم الإسلاميين اللئام، خلف سدة الشعب وكسرة وعطش في تلك الأيام ، وبعد أن وصلتنا تسجيلات مناف الناجي ورأينا كيف تفاعل قائد فيلقه البطل مع فضيحته تلك بالتبرير والكَوادة المعتادة ، و بعد أن رأينا فعل حزب اللغوة وعرّابه المالكي طيلة سنين الحكم العجفاء هذه، في تعذيب العراقيين وتغذية الطائفية المقيتة في كل مناسبة ، ورأينا السقوط التام لكل دعاة الحكم بإسم الإسلام ، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، كل حزب بما لديهم فرحون ، و آآآه على حظ الإسلام مع منافقين متسمين بإسمه، إتخذوه دريئة و سلماً و وليجة ، فألحقوا به من الحيف وسوء السمعة ما لم يفعله أجدادهم القرامطة أو أولئك البرامكة .
ما الذي يتبقى من أحقية رئيس للبلاد، يرسل مجرميه لقتل العباد ،هكذا، في إصرار على الجريمة يوماً بعد يوم ؟ وأيّة إشارة هي أشد صراحة ومصداقية من هذه، أن يتساقط السوريون أمام رشاش سلاح الشبيحة ،أحفاد الحسن الصباح، ممن إستأصل أجدادهم صلاح الدين الأيوبي قبل أن يفكر بمواجهة جيوش الصليبيين ؟ وكل هذه التضحيات يقدمها السوريون اليوم رغم فداحتها، كي يثبتوا للمجرم الطاغية أنهم لم يعودوا يتحملون ظله المقرف، لكن لات حين سماع، فالطاغية قد أصمّ أذنيه وأعمى عينيه عن الرؤية، لا بل تحول إلى إله جديد يعبده أتباعه، ويحرفون سورة الإخلاص لتحمل إسمه ، اليوم، لدينا هبل جديد في بلاد الشام !
يبدو الوطن العربي اليوم أقرب شيء جاهزيةَ لإعادة الإستعمار ، أو حتى لتحقيق دولة إسرائيل الكبرى، فقط لو كانوا أكثر من العرب عدداً ! وفقط لو كان للمستعمرين القدامى أن يعوا الحال ويضربوا ضربتهم ، فلو هجمت فرنسا مثلاً، وإستعادت سوريا ولبنان وشمال المغرب، لما ساء الحال عما هو عليه أصلاً في ظل الملكية المغربية ، ولو إستولت إيطاليا على ليبيا من جديد لكان ذلك أفضل لعموم الليبيين في ظل إنقسام الشعب إلى جزء يبغي الخلاص، وجزء يقف مع المجرم ويقترف أقبح الجرائم بحق الضعفاء والعزل .. ولو عاد أبو ناجي لإحكام قبضته على العراق ، لما إحتج الناس على ذلك كما أحسب ، فلا شيء من حركات التحرر نجح بإثبات أنه وطني كما دأب على التظاهر والإدعاء ... ولم يثبت أيّ نظام ، مهما كانت عقيدته وهوية زعيمه ، سلطاناً كان أم ملكاً، رئيس جمهورية كان أم حاكماً عسكرياً ، علمانياً كان أم إسلامياً ، لم يثبت لنا أنه أفضل من المستعمر، كل ما تغير هو (هوية دي إن أي) المغتصب، وبقيت العورة المستباحة هي هيَ نفسها، عورة المواطن العربي الذي تقشمر بحركات التحرر الوطنية منذ زمن بعيد ..... كَبر لفكم وطاح حظ أشرف واحد بيكم، إذا بيكم شريف من صدك !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق